Articles

سيزا نبراوي تتحدى نفسها وجمود مجتمعها(3)

Image
كما ذكرنا من قبل، خطت سيزا خطوتها الأولى بل والأهم تجاه تحقيق الأهداف التي تتفق تماما مع تركيبتها الشخصية، وذلك بعدما شاركت مع رائدتها ومرشدتها الروحية هدى شعراوي في المظاهرة النسائية الكبرى في شهر مارس من العام 1919، تلك المظاهرة تصدرتها "هوانم مصر" ووجهها المضيء، تلك المظاهرة التي جعلت فيما بعد تخصيص يوم 16 مارس من كل عام " كيوم للمرأة المصرية" والذي نستقبله حتى اليوم كل عام من دون إشارة تذكر حول سبب هذا الاختيار لليوم وما حدث خلاله (وحاولنا شرحه بشيء من التفصيل في الجزء الثاني) في العام 1923 شاركت نبراوي في تأسيس الاتحاد النسائي المصري مع السيدات هدى شعراوي وصفية زغلول ونبوية موسي وروزاليوسف وغيرهن وظلت تحقق معهن وبعدهن من خلاله النجاح تلو الآخر حتى تولت رئاسته بعد وفاة هدى شعراوي، وفي تلك الفترة كانت سيزا كالظل في حياة الزعيمة تجتهد وتتعلم وتتعلق بها فكريا وحياتيا للدرجة التي جعلتها تتخذ دائما موقفا سلبيا من زهرة الحركة النسائية المصرية وأيقونتها بلا منازع السيدة "درية شفيق" وذلك بسبب تحيز واهتمام هدى شعراوي بجرأة درية مما جعلها تدعمها بكل حماس، و...

الحلم بعودة الخلافة كصعود الشجرة بالمقلوب

Image
   البعض يحاول أن يفرض علينا رؤيته الأحادية التي تحصر هويتنا في كونها عربية أسلامية فقط، وهذا غير حقيقي فنحن لدينا هويتنا المصرية القبطية التعددية المتجذرة، إلى جانب تكويننا الثقافي النابع من انصهار ثقافات أخرى في بوتقته، أما الاصرار على الانطلاق من فرض هوية واحدة فقط واختزال حضارتنا الام لصالح هذا التصور، لابد وأن يفرض علينا صورة أحادية للمستقبل لا علاقة لها بالتعددية ولا بتجانس الثقافات، بل هي صورة لا تحتمل ظهور الجميع فيها، وإن ظهروا فلن يكونوا سوى ظلال لمن يصر على احتلالها وحده   الغريب أن من يحاول أن يصبغنا بصبغة واحدة ولا يرضيه أي شيء في حاضرنا، بل ولا يتطلع إلى المستقبل إلا ونظره متوجها إلى الماضي بنظرة مغلوطة وعنجهية مزيفة تصور له إمكانية استعادته كما كان حتى من دون رتوش متغافلا عن تعقيدات العصر وتطوراته ومتطلباته سمعت شابا في حوار معترض على أن الدولة تفرض عليه جنسيته، فهو مصري رغما عنه لكنه في دولة الخلافة لن يختنق بحدود. فيما شاب أخر مصمم على أن الحدود التي نتفاخر بها ما هي إلا نتاج لسايكس بيكو متناسيا أن حدود مصر لا علاقة لها من قريب أو بعيد بهذا التقسيم، ...

العلاقة الطردية الفاسدة بين التشدد والشماتة

Image
   لم يعد هناك أي تشابه في التركيبة النفسية لشعوبنا بين ما كنا عليه منذ اربعة عقود أو خمسة وبين ما نحن عليه الان هل يشير هذا من قريب أو بعيد إلى أننا نحاكي في هذا كافة بلدان العالم المتقدمة؟ الاجابة السريعة البديهية هي بالطبع لا، فهذه الدول تستلهم من الماضي دروسا ترسخ في الحاضر بعض ما يستفاد منه، وتنتقد بعضها وتعتذر عن البعض، لتسير نحو المستقبل بخطى أفضل واكثر إنسانية عما قبل أما نحو ففي الاتجاه العكسي تماما منذ أن سيطر على مجتمعاتنا الفكر الديني المنغلق المتطرف التراثي الذي يرى في الموت حياة، ويرى الحياة سبيلا لتحقيق أوهامه أو هوسه بالسيادة، لذا يتفنن في تشويه الحاضر من خلال محاربته لكل معاني الحياة التي تختلف مع رؤيته ولا يتطلع إلا إلى الماضي متفننا في تزييفه منطلقا الى المستقبل ليحقق ليجسد هذا الماضي مستعيدا مشاهده حالما بأنه سيغزو ويبيد ويستعبد ويسيطر على ثروات ومقدرات الشعوب يحلم بالبطش والسبي كحق من حقوقه الأصيلة فقط ليحقق ما يتصوره بأنه وعد رباني بحكم العالم كله، وبهديهي أن يكون هناك خليفة واحد فقط يحكم هذا العالم (هذا ما يتردد وليس مجرد تخمين) إن أتباع هذا التيار الداع...

سيزا تنتفض من أجل زينب وكل النساء (2)

Image
                        سيزا نبراوي أمام صورة هدى شعراوي في الجزء الاول تحدثنا عن زينب التي فقدت والدتها في عمر 10 شهور، وكيف قامت عديلة هانم نبراوي( ابنة خالة والدتها) بتبنيها ومنحتها اسم سيزا ولقب عائلتها فصارت زينت محمد مراد سيزا نبراوي، وهو الاسم الذي عاشت به حتى وفاتها عن عمر يناهز 88 عاما، عاشت سيزا مع ماما عديلة التي سافرت بها بعد فترة  1905 إلى باريس لتحيا حياة سعيدة حتى تجاوزت 15 عاما، لتفقد أمها مرة أخرى وذلك بانتحارها بسبب علاقة مسمومة مع زوجها، وتحول زوج ماما عديلة إلى قاتل في نظر سيزا فساءت العلاقة بينهما لذا قرر عودتها إلى القاهرة لتكتشف أن لها أبا وأنه مختلف تماما في رؤيته ومعاملته للفتاة عما نشأت وتربت عليه، ولأنها في الاساس إبنة أسرة معروفة في إحدى قرى محافظة الغربية فرض عليها أبيها ارتداء البرقع والجلباب الاسود الفضفاض بل والخنوع كما بنات عائلتها وقريتها، ثم ضاق بها في النهاية فأرسلها إلى جدها في القاهرة الذي قام برعايتها طبقا لأوامر أبيها، إلى أن سيطر التمرد ورفض الحياة على سيزا فأعتصمت في حجرتها لم تخرج...

استبدال صباح ومساء الخير بالسلام عليكم .. بداية قمع الهوية

Image
  لا توجد طريقة واحدة يمكننا الجزم على انها الوسيلة الوحيدة التي غزتنا بها السلفية التراثية بفكرها الاقصائي واخترقت عبرها حياتنا، فالمساجد والزوايا والكتب والسوشيال ميديا ليسوا هم الوسائل الحصرية للسيطرة على العقول ففكرة تغيير الكلمات واقتحام مفردات لهجات البلاد التي تشكل جزءا لا يتجزأ من لغتنا المحكية وإحلال مفردات إسلامية مكانها، مع ظهور بعض الشيوخ للتأكيد على قداسة هذا المستبدل، وإطفاء التفسير والتوضيح مع احتراف الزج بحديث أو واقعة من سيرة الرسول أو أحد الصحابة لتبرير ضرورة استخدام مفردة بعينها في التعامل، مع التأكيد على عدم نسيان التحليل والتحريم  هكذا تحولت بسلاسة "صباح أو مساء الخير" إلى السلام عليكم.. مع ان الاولى هي أمنية جميلة للاخرين وليست عهد أمان كما لو كان القائل يتحدث مع أحد افراد جيش مهزوم او أحد الأسرى اوالسبايا، والأدهى حينما تتحول السلام عليكم من اختيار او مجرد أحد البدائل المطروحة الى فرض على الآخرين، فكم مرة قال أحدكم صباح الخير فتم الرد عليه بعبوس وعليكم السلام، وكأن الشخص يؤنب من ألقى عليه تحية الصباح ، بصرف النظر عما إذا كان الشخص مسلما أم لا، وهنا علين...

ولدت زينب لتبدأ سيزا نضالها لتحرير المرأة(1)

Image
هي الجميلة والطفلة السعيدة والصبية التعيسة ... أنها المتمردة التي هزمتها المفاجآت لكنها لم تكسرها ... وكأنها صفحة من صفحات الحياة المصرية لا نستطيع إلا قراءتها والتوقف أمامها كثيرا، ففي كل سطر من سطورها جزء لا يتجزأ مما كانت عليه المرأة المصرية يوم استطاعت أن تواجه التخلف والتقاليد البالية والقانون والتغيرات السياسية إلى أخر ما مر بنا ولازلنا نعاني ويلاته حتى يومنا هذا. هكذا هي كل إمرأة قفزت فوق أسوار الماضي ومصاعب الواقع لتنقش لوحة للمستقبل هي ببساطة إحدى  هؤلاء اللاتي تصدين في ذلك الوقت لكل انواع الخضوع وكذلك المحاولات المستمية لأسلمة مصر، لهذا منها نتعلم ولها نؤكد على اصرارنا الاستمرار، ومن سيرتها نتحمل كل ما يمر بنا من انهزامات من زينب لسيزا ولدت زينب محمد مراد في العام 1897، في السنطة إحدى قرى محافظة الغربية، منتمية لأسرة معروفة تعود من جهة الاب إلى مراد بك(أحد المماليك المسيطرين آنذاك) والذي قتل على أيدي الحملة الفرنسية حينما داهمت القاهرة التي كان مراد بك شيخا ومسيطرا عليها، ففر إلى الصعيد لحشد المقاومة إلا أنه توفى جراء المرض، ومعانا في إلحاق الذل به بعد هروبه اقتحم جنود ال...

قد تمردت على لعبة حمل نعش الأخر

  لا اعرف على وجه التحديد من تفنن في منحنا تبريرا كي نتقبل التغيير في حياتنا؟ انا لا احب التغيرات المفاجئة، وبنفس القدر اكره الروتين وسير الحياة علي نمط واحد، فالتغيير المفاجيء يربكني كثيرا والتكرار يحبطني في معظم الاوقات العجيب أنني بسهولة أعلن عن إحباطي والأعجب حينما يوفقني الجميع على ان اسبابي وجيهة وكأنهم يسوقون لي المبرر تلو الأخر على اللاشيء. لكنني أتفنن في إخفاء ارتباكي حتى لا اتهم بالجمود وبصفات أخرى يتفنن البعض أحيانا في ابتكارها من باب لفت النظر لا اكثر ولا اقل في كل الحالات لم اتفهم يوما المقولات الشهيرة التي تغلف لنا قبول كل ما يتناقض مع شخصيتنا بل ومع كل ما في الحياة من تناقضات انا لا اكره الانبياء والحكماء والفلاسفة لكنهم من دون ادنى شك يثيرون غضبي، لأنهم ببساطة يجبروننا حتى بعد رحيلهم على أن نظل نحمل نعوشهم، وعلى اسقاط تجاربهم علينا، ومنحنا خلاصة رؤيتهم للحياة وكأنهم يفرضون أنفسهم على مرآتنا، هو شيء ما يتأرجح ما بين السخرية والغرور وسط إدعاء بأنه بعض الحكمة أو التميز.  لطالما سألت نفسي: هل يجب علي الاستمرار في لعبة حمل نعوش الآخرين كي يستقر عقلي بمقاييس اللاعق...