استبدال صباح ومساء الخير بالسلام عليكم .. بداية قمع الهوية
لا توجد طريقة واحدة يمكننا الجزم على انها الوسيلة الوحيدة التي غزتنا بها السلفية التراثية بفكرها الاقصائي واخترقت عبرها حياتنا، فالمساجد والزوايا والكتب والسوشيال ميديا ليسوا هم الوسائل الحصرية للسيطرة على العقول
ففكرة تغيير الكلمات واقتحام مفردات لهجات البلاد التي تشكل جزءا لا يتجزأ من لغتنا المحكية وإحلال مفردات إسلامية مكانها، مع ظهور بعض الشيوخ للتأكيد على قداسة هذا المستبدل، وإطفاء التفسير والتوضيح مع احتراف الزج بحديث أو واقعة من سيرة الرسول أو أحد الصحابة لتبرير ضرورة استخدام مفردة بعينها في التعامل، مع التأكيد على عدم نسيان التحليل والتحريم
هكذا تحولت بسلاسة "صباح أو مساء الخير" إلى السلام عليكم.. مع ان الاولى هي أمنية جميلة للاخرين وليست عهد أمان كما لو كان القائل يتحدث مع أحد افراد جيش مهزوم او أحد الأسرى اوالسبايا، والأدهى حينما تتحول السلام عليكم من اختيار او مجرد أحد البدائل المطروحة الى فرض على الآخرين، فكم مرة قال أحدكم صباح الخير فتم الرد عليه بعبوس وعليكم السلام، وكأن الشخص يؤنب من ألقى عليه تحية الصباح ، بصرف النظر عما إذا كان الشخص مسلما أم لا، وهنا علينا التوقف ولو لحظات أمام ما حدث لنا .. حيث هذه المفردة قد تحولت إما إلى رمز تمييز يعرف منها مرجعية من ألقي عليه السلام، أو رمز خضوع، حيث القبطي اليوم في مصر يبدأ حديثه بالسلام عليكم كي يمرر يومه واحتياجاته
القياس نفسه وبشكل صارخ موجود في استبدال "البقية في حياتك" التي نادرا ما نسمعها اليوم " بالبقاء لله"، عند زيارة المريض اختفت مفردات مثل "سلامتك او تقوم لنا بالسلامة .. إلخ" لتتحول إلى شفاء لا يغادر سقما، التي تصورتها في أول مرة اسمعها أنها دعاء على المريض وليست له، لأنها غريبة على لهجتي المصرية وجملة لا علاقة لنا بها.
وهكذا إذا ما تتبعنا يومنا سنجد أن لهجتنا تضيع تماما وأصبحت مشوهة، ومن يتم مسخ لهجته يفقد جزءا من هويته وشخصيته ليصبح الكل متشابه ويخضع لقواعد واحدة، والأدهى حينما تخضع لهجتنا التي تميزنا إلى ما يجب قوله وما هو غير مستحب وما هو مستهجن.. والغرض ليس عبثي لكنه طريق الخروج من خصوصية الانتماء إلى انتماء الأمة المحكومة بشريعة وفكر ولغة موحدة
أن تكون هذه المفردات التي تجد نفسك متصالحا معها، أو تجدها تقربك من الدين، أو تراها الصواب فإن حقك في استخدامها مطلق، أما فرضها على الاخر الذي قد يكون مختلف عنك في الدين او الرؤية أو الفكر فهذا أبعد ما يكون مجرد ممارسة حق، ومن غير المنطقي أن نصاب جميعنا بالعبط ثلاثي الأبعاد لنتصور أن هذا تصرف عفوي لا طائل منه
المشكلة الاكبر تكمن في الاخر أيضا الذي لا يريد استخدام ما تفرضه عليه، لكنه يجاري الموجة او يريد أن يعيش برأس مرتاح، أو هو راغب في المجاملة وعدم اختلاق أو مناقشة أشكاليات فيمرر الموقف أو يجاري الجو كما يقال أو لا يرغب في أن يشذ عما يتقبله الاخرون ... أسباب وتبريرات لا نهاية أو معنى لها ونتيجتها أنه يساهم في انتشار نفس المفردات والمنطق ويروج لغايات أولها نفيه هو شخصيا وإقصائه وتحويله إلى مجرد تابع لا أكثر او أقل، أنه ببساطة يعطي للاخر الفرصة الكاملة كي يبسط هيمنته وتسلطه على هويتنا وشخصيتنا وعقولنا لذا هو شريك وليس ضحية كما يحلو له أن يروج
إن أجمل ما لهجتنا العامية هو بساطتها وتعبيراتها المشحونة بالعواطف واللمسات الرقيقة ولطالما قربتنا خصوصا العامية المصرية من كل من حولنا.. فلماذا نتخلى عنها لصالح من يفرضها علينا فرضا ولماذا ينساق الجميع خلفه ويدعمه عبر استخدامها في الدراما والإعلام وغيرهما
أبسط الحقوق هو أن أتحدث بما يحقق لي تصالحي مع هويتي وانتمائي وتركيبتي الشخصية، وليس بما يتم فرضه علي اعتباره مقدسا
مقال رائع فقدان الهوية و الاخر و البديل الهةية هي بصمة كل دولة انت فعلا يا عزيزتي فابيولاةيا بنت النيل تدهشيني تقريب نفسرالوضع اعيشه في بلدي و لكن اقل حدة
RépondreSupprimerلهجتنا وخصوصيتنا هما حصن الامان كي لا نتحول إلى جزء من كل ونبقى دائما كما يجب أن نكون 🌷🌷
RépondreSupprimerفابيولا الرائعة 👏👏
RépondreSupprimer🙏🙏🙏🌷🌷
RépondreSupprimer