الحلم بعودة الخلافة كصعود الشجرة بالمقلوب

 

 البعض يحاول أن يفرض علينا رؤيته الأحادية التي تحصر هويتنا في كونها عربية أسلامية فقط، وهذا غير حقيقي فنحن لدينا هويتنا المصرية القبطية التعددية المتجذرة، إلى جانب تكويننا الثقافي النابع من انصهار ثقافات أخرى في بوتقته، أما الاصرار على الانطلاق من فرض هوية واحدة فقط واختزال حضارتنا الام لصالح هذا التصور، لابد وأن يفرض علينا صورة أحادية للمستقبل لا علاقة لها بالتعددية ولا بتجانس الثقافات، بل هي صورة لا تحتمل ظهور الجميع فيها، وإن ظهروا فلن يكونوا سوى ظلال لمن يصر على احتلالها وحده  

الغريب أن من يحاول أن يصبغنا بصبغة واحدة ولا يرضيه أي شيء في حاضرنا، بل ولا يتطلع إلى المستقبل إلا ونظره متوجها إلى الماضي بنظرة مغلوطة وعنجهية مزيفة تصور له إمكانية استعادته كما كان حتى من دون رتوش متغافلا عن تعقيدات العصر وتطوراته ومتطلباته

سمعت شابا في حوار معترض على أن الدولة تفرض عليه جنسيته، فهو مصري رغما عنه لكنه في دولة الخلافة لن يختنق بحدود. فيما شاب أخر مصمم على أن الحدود التي نتفاخر بها ما هي إلا نتاج لسايكس بيكو متناسيا أن حدود مصر لا علاقة لها من قريب أو بعيد بهذا التقسيم، من زرع هذه الأفكار في رؤوس الشباب وكيف تمكنوا من نزع قيم المواطنة وهدم رموزنا؟ أليسوا أصحاب مقولة ان الوطن ما هو إلا حفنة عفنة من التراب؟ ربما أمكننا الآن أن نسألهم  كم تساوي حفنة التراب في دولتهم المزعومة؟

بلغ بنا الأمر أننا نختلف على الانتماء داخل الوطن الواحد، ونسمع فتاوى بتحريم الغناء والموسيقى في بلد أم كلثوم وعبد الحليم والسنباطي، ونشهد نقاشات في العلم ولايزال الجدال حول الارض المسطحة يطل علينا في قنوات اليوتيوب وغيرها من وسائل التواصل، بل وتخترق آذاننا اللعنات على الرسم والنحت في بلد الفراعنة، والسؤال البديهي هنا لصالح من ولماذا يتم اختزال حياتنا ومستقبلنا لصالح ماض قد يكون بشكل أو بأخر مفروض علينا على  كأحد مكونات ثقافتنا ومن العبث ان يتصور أحد أنه في يوم من الايام سيعود 

أصبح أمرا مكررا ان نسمع شبابا يتباهون بالخلافة العثمانية ويرونها المثال الذي يجب ان يحتذى به، ونحن هنا لن نفند لهم ماهية تلك الخلافة لأنها تحتاج لمساحات ومقالات خاصة بها، لكننا نقول ببساطة انها لا تعدو كونها احتيالا بكل التفاصيل والممارسات، وأن من لا يعترف بمواطنته ولا يرى في حدود بلاده أي معنى، لا يجب أن نتعجب من استعداده استباحتها أرضا وشعبا وتاريخا للغزاة، وطبيعي أن نسمع عنه ونرى صورته بعدما عانق حزاما ناسفا كأحد جنود الحلم المفخخ الذي يعشش في العقول



 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

سيزا نبراوي تتحدى نفسها وجمود مجتمعها(3)

سيزا تنتفض من أجل زينب وكل النساء (2)

وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت