لا تلوموا أم قاتل نيرة!!!

نطق القاضي بالحكم وتم تحويل  أوراق قاتل "نيرة" إلى المفتى الذي سيصدق حتما على الحكم لتنتهي حياته قصاصا لإزهاقه روحها منتصرا بذلك لذكوريته ومنصاعا لكافة الافكار السوداء الملغومة التي نشأ عليها مثله في ذلك مثل عدد هائل من شبابنا الذي يشب على أنه الاعلى والأفضل والقيم والولي وحامل لواء الاسلام حتى بوابات دولة الخلافة المنشودة، وهو نفسه الذي خلقت الانثى لمتعته فقط، الفارق أن قاتل نيرة جسد هذه الافكار  نحرا، فيما السواد الاعظم من شبابنا المغرر بهم يمارسونها على الانثى قهرا وضربا في المنازل أو تحرشا واغتصابا خارجه، أو انتحارا وإرهابا باسم الجهاد

ولكن لا تلموا والدة قاتل "نيرة" ولا تسيئوا لها ولا تنظروا عليها حماية لأنفسكم لأنها هي أيضا أم منكوبة مفجوعة في فعلته ولفراقه، إياكم وبعثرة الكلمات والشعارات وغسل أيديكم وتبسيط الكارثة واختزالها في سوء النشأة والتربية في منزله، فإدعاء البراءة لا ينجي متهما العقاب .. والاختباء خلف ستار لا يعني أننا لسنا في نفس الغرفة، لان قاتل نيرة ببساطة قد أزاح هذا الستار لحظة نحرها، لنجد أنفسنا في مواجهة بشاعة جريمته كما في مواجهة هذه الام التي كانت تضرب على مسمع من الجيران، وبعدها يتلقى نفس التحيات الصباحية او المسائية والتي تحولت فقط إلى "السلام عليكم"، بئس هذا السلام أو الود الذي كان بينكم وبين شابا ضرابا لأمه واخواته البنات تحت لافتة التقويم والولاية

لدينا والدة "نيرة" ووالدة القاتل تعتصرهن نفس الاوجاع والحسرة، وتذرفان ذات الدمع على الفراق، فالأم هي الأم وكلاهن فقدت أغلى ما لديها، وسيبقى القبران اللذان سيحتضنا جثمان كل من القاتل والضحية شاهدا على إخفاقنا وخوفنا وانكسارنا وسلبيتنا في مواجهة كافة الاصوات التي تركناها تتنامى حتى هيمنت وحولت غالبية نصف مجتمعنا إلى ضحية والغالبية الأخرى إلى قتلة، ولم لا مدامت والدة القاتل تتحمل بمفردها عواقب سوء التربية وكأنها قامت بتربيته وحدها 

هذه الأم نفسها ضحية الاصوات التي صورت لها أن السماء تلعنها إذا ما أدارت وجهها لزوجها او تصدت لوليها الذي كان هنا إبنها، وأنها مخلوقه لخدمته وتقديم كل طقوس الطاعة لذكوريتة وعجرفته وغروره فما هي سوى شيء وجد من ضلعه الأعوج لا فائدة منه ولا قيمة له سوى الخدمة والمتعة والانجاب، فأضاعت عمرها كله حتى فقدت كل شيء ، عل السماء التي فسروها لنا على هواهم تكون راضية عن هذه السيدة الضحية بكل المعايير

سوف تفتح القبور لتتلقى زهور المستقبل على مرأى ومسمع من الجميع، وستغلق تاركة لنا تشوهاتنا المجتمعية ترعى فينا، علنا نتساءل كم جنازة وكم عزاء وكم نيرة ومحمد سيقدم لنا صوت التشدد التراثي جثامينهم .. وكم فتاة سيقفز أتباع هذه الأصوات على مقتلهن ليتخذوا منها فرصة للترويج للمظهر الذي يجب أن تعيش عليه الفتاة ولو لم تفعل فسوف يفعلونها هم بعد موتها بالتلاعب في صورتها، بل وكم شاب سوف ينجرف وراء كلماتهم التي بالضرورة لو مددناها على استقامتها فستكون النتيجة هي القتل سواء لأنثى أو لمخالف في الفكر أو العقيدة أو المذهب أو أي شيء، ولا نعلم بعد تنغيذ الاعدام هل سنرى صورهم هي الاخرى باللحية والجلباب الابيض يحملون سيفا ومسبحة كما نتوقع أن نرى صورة قاتل "نيرة" قريبا؟؟

قبل النطق بالحكم قال القاضي كلمة توضح ما نحن فيه وجاء فيها بعدما سلط الضوء على المنحدر الاجتماعي الذي بلغناه (من هذا الرحم ولد جنين مشوه، وقود هذه الأمة صار حطبها) بعد هذه الكلمات التي لخصت الواقع هل باتت معركة الوعي حتمية أم ستظل مؤجلة  حتى يزداد حجم الحطب ويشتعل لتبتلع النيران مستقبل شبابنا بالكامل؟؟



Commentaires

  1. صدقت واختزلت الواقع المرير

    RépondreSupprimer
  2. فعلا صرنا نعيش في مجتمع مشوه ومقزز المفاهيم فيه مقلوبة..تعاطف مع القاتل وادانة القتيل..والسبب كما ذكرت هو هذا الموروث الثقافي الديني الذي آن له الأوان ان يندحر..لانه يفقدنا انسانياتنا ويغذي نزعات الكراهية والقتل والتمييز والهمجية..

    RépondreSupprimer

Enregistrer un commentaire

Posts les plus consultés de ce blog

سيزا نبراوي تتحدى نفسها وجمود مجتمعها(3)

ولدت زينب لتبدأ سيزا نضالها لتحرير المرأة(1)

الحلم بعودة الخلافة كصعود الشجرة بالمقلوب