النسوية الضحية المتهمة: الإجابة الواضحة من دون سؤال
خلال الجزئين الماضيين لم يكن الامر مجرد سرد لتساؤلات حول أسباب هذا الحجم الهائل من الاخفاقات التي آلت إليها الحركة النسوية العربية بقدر ما كانت محاولة للاقتراب بشكل محايد من المشهد الحالي المرتبك لهذه الحركة
فنحن أمام حالة من تبادل الاتهامات تارة وسخرية كل فريق أو تيار من الآخر تارة أخرى ودرجة لا بأس بها من الوهم من أن كل تيار سوف يمحو الاخر ليهيمن وحده على المشهد الحياتي في منطقتنا وأنه وحده من يملك الصواب والقدرة على تصويب مناحي الحياة، على الرغم من ان الواقع يؤشر إلى أنه لا يوجد أي تيار يمكنه سحق الاخر بل أنه لن يتمكن من هذا لاسباب عديدة في مقدمتها أن أحدا منهم لا يرى نفسه ولا يمتلك نقدا ذاتيا حقيقيا لأدواته ومنهجيته وطموحاته بل حتى انه لايقرأ بوعي مفردات واقعه كما أن أية فكرة لا تنتهي مادامت قد حظيت بالمؤيدين والحالمين بتجسيدها، لهذا بتنا في حاجة لطرح الأسئلة المفتوحة
في المقالين السابقين تمحورت التساؤلات حول أسباب انكسار حركة المرأة في منطقتنا، وبالمناسبة هذا الحديث منصب على القضية والنضال أما المنح التي تهبها بعض بلداننا في سياق تغيير مسارات متعددة فلا محل لها من الاسئلة المطروحة التي يمكن تلخيصها في ما إذا كان ما تمتعت به رائدات هذه الحركة من وعي وثقافة ولغات هو ما مكن كلا منهن من خوض المعارك من دون ان تفقد إحداهن هويتها وشخصيتها، ربما لأنهن قد استخدمن نفس آليات الغرب وليس مفرداته لكنهن لم ترتكن عليه ولم تتجسدن في صورته
لدينا أيضا هيمنة التيارات الدينية المتشددة التي لا ترى في المرأة كائنا يمكن الالتفات إليه من الأساس، تتضافر معها حكومات تتصدى لهذا التيار حينا وتطلق له اليد بحسابات خاصة حينا أخر لكنها في كل الحالات تترك له كل ما يخص المرأة وعلاقتها بالمجتمع لتوهمه أن له مكانة وهذه التيارات تجيد استثمار هذه اللعبة لعلمها أنها بسيطرتها على المرأة فقد هيمنت على 80 في المائة منه على الاقل ( نساء واطفال وشباب)
هذه المعارك السياسية التي لا يراعي أي طرف منها سوى مصالحه فقط من دون أي اعتبارات اخرى حيث بقائه مسيطرا على السلطة السياسية او الاجتماعية هو الهدف الاكبر والاسمى والذي يستحق إهدار كافة الحقوق الانسانية بضمير مرتاح، هي ما جعلت السؤال البديهي: هل هذا مناخ مثير الدهشة حينما تكسر فيه حركة حقوقية نسائية إنسانية؟ ... وهنا لا يجوز تجاهل أحد أطراف هذه المعادلة ألا وهو النسوية الاسلامية التي تلقى التأييد من الطرفين السياسي والديني على اعتبارها أحد الادوات التي تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد فهي تجمل الواجهة للحكام وتضرب الحركة النسوية في مقتل وتشرعن لديكتاتورية التيارات الدينية المتشددة في آن واحد، فهل الهجوم عليها والاستماتة في اقصائها هو الحل الأمثل؟
انسحبت التساؤلات على المناخ الفكري والثقافي والفني السائد الذي لا يدعم بأي حال من الأحوال ظهور حركة نسوية قادرة على الصمود أمام كل التحديات ولا يفرز حراكا له خصوصيته وميزاته، بل يحول أي حركة تصبو إلى التغيير إلى مجرد ناقلة أو مرددة لشعارات غربية يسهل التصدي لها من كافة الاطراف المتربصة بها
أين المرأة من قضاياها فعليا؟ هي ببساطة تفعل كل ما يمكنها بالممكن المتاح الذي في مقدمته وسائل التواصل الاجتماعي، التي على الرغم من كل ما تحمله من أهمية إلا أنها رافد واحد من كثير مفقود، فهي لا تؤطر لحركة لها استمراريتها بمعنى أدق هي قادرة على إفراز ناشطات سوف تستمدن وجودهن حينما توجد الحركة التي بدونها لن تأتي تغيرات كبرى إلا إذا انتظرناها كمنح
أسئلة لا نهاية لها قابلة للنقاش والتفنيد إلا أن السؤال الاهم هو هل تعي الناشطات النسويات المشهد الذي يصادمون معه؟ أيضا إلى أي مدى يتم التصدي لكل عوامل الاخفاق التي حاصرت الحركة، ام أن تجاهلها والقفز عليها هو أسهل الحلول المتاحة؟ قد يكون كل ما تم طرحه من تساؤلات لا معنى له وفي أغلبه معروف، ما هي التساؤلات التي تطرحها الناشطات النسويات الآن على انفسهن؟ ففي السؤال الصحيح تكمن نصف الإجابة
Commentaires
Enregistrer un commentaire