النسوية : الضحية المتهمة الباحثة عن نفسها في مفترق الطرق
قد نتفهم الهجوم على النسوية بكل ما تحمله من أفكار وتناضل من أجله من حقوق، فهناك باختصار الموروث الديني والاجتماعي والثقافي الذي يجد فيه الغالبية ملاذا يعفيهم من مواجهة التغيير وتبعاته، امتثالا للمثل الانجليزي المعروف ( شيطان معروف خير من ملاك غير معروف) وإذا ما أضفنا الجهل وانتشار الأمية في بلداننا خاصة التي تتمتع بقوة بشرية مما يضخم في مساحات تفضيل ما نتناقله عن الاجداد أو رجال الدين أو العادات القبلية، المهم أن الغالبية تجد دائما الجدار الذي تختبيء خلفه كي لا ترى الحقيقة أو لتحمي نفسها من مواجهة حقيقتها أولا، أو لأن التغيير عبء في حد ذاته هم في غنى عن حمله، لذا يصبح الاسهل هو كسر حلقات هذا التغيير قبل أن تكتمل
كل هذا نستوعبه وحدث في كل بلدان العالم في مواجهة مطالب المرأة لحقوقها. إلا أن ما لا نفهمه هو المغالاة التي تصل إلى حد الغباء في ابتكار الأوصاف والتعبيرات لوصم كل حركة تناضل من أجل المرأة وحقوقها للدرجة التي تحول هذا العداء لحقوق المرأة اشبه باللوحة السيريالة التي يراها كل منا بحسب ثقافته واحساسه فيما يشتبك معها الغالبية لا لشيء سوى معارضة ورفض كل ما هو ليس بمفهوم أو يحتاج لتأمل أو غامض من وجهة نظرهم
لكن هل هذا الصراع الذي نعي مبرراته جديد في مجتمعاتنا؟ الاجابة التي ستفرض نفسها على المتتبع لحركة المرأة العربية ستكون لا. فجميع رائداتنا تم نعتهن دون استثناء بأنهن سافرات فاجرات عميلات خارجات عن العرف والتقاليد والدين الى اخر الاوصاف الكلاسيكيةالتي نحفظها تماما حتى درجة الملل من التكرار، لكنهن قد عبرن نحو نجاحات حقيقية وتمكن من التغيير خصوصا في البلدان التي شهدت حركات نسائية ثورية حقيقية خصوصا خلال النصف الاول من القرن العشرين، فلماذا تتعثر امتدادات نفس الحركة منذ عقود؟؟؟
إن المشهد الحالي للحركة النسوية يحمل العديد من التساؤلات المطروحة على الجميع من دون استثناء وبالنسبة لي لا أملك اية إجابات وافية حولها
ارتكزت الحركة النسوية العربية في بداياتها على نساء مثقفات في غالبيتهن انتمين إلى الطبقة الارستقراطية وفوق المتوسطة، امتلكت كل منهن بطلاقة لغة اجنبية واحدة على الأقل إلى جانب معرفة حقيقية باللغة العربية، جميعهن إطلعن على الثقافة الغربية ليس فقط عن طريق القراءة بل بالاحتكاك اليومي بسبب وجود جاليات أجنبية كبيرة العدد في تلك الفترة، أو عن طريق الاسفار، لذا تمكن من صنع النموذج ولم تكن أيا منهم نسخة منقولة عن الغرب ... فهل تمكنت النسويات ابتداء من سبعينات القرن الماضي من تشكيل نموذجنا الخاص بنا؟؟؟
باستثناء د. نوال السعداوي التي نالت لقب الريادة باستحقاق، ليس فقط جراء تمردها وشخصيتها الصدامية، لكنها استحقته لأنها على الرغم من تأثرها بسيمون دو بوفوار خصوصا في مقولة الأخيرة (المرأة لا تولد إمرأة لكنها تصبح كذلك) وغيرها من الأفكار إلى أنها تمكنت من القفز عليها لتصنع رؤيتها من عمق الواقع العربي، وهو ما مكنها من نقد واقعنا بل وواقع الغرب نفسه، فيما عدا د. السعداوي هل ظهرت العديد من الاصوات القادرة على الفعل نفسه، أم صارت الاكثر قدرة هي الأكثر حفظا وترديدا لأفكار وسلوكيات الغرب؟؟؟؟
ظهرت النسوية الإسلامية بالتوازي مع ظهور الحركة النسوية العربية أو بعدها بقليل لكنها لم تكن بالقوة التي هي عليها الآن لاسباب عديدة منها السياسي ومنها الديني ومنها سقوط بعض المدافعات عن حقوق المرأة في أحضان السلطة ... فهل يمكننا اعتبار تصدر هذا التيار المرحب به من السلطتين السياسية والدينية قد مثل عائقا أمام الخطاب النسوي المقابل لها؟؟؟
لازال هناك المزيد من الاسئلة التي سنطرحها في الجزء القادم
Commentaires
Enregistrer un commentaire