افتعال معركة حول الفن دليل إفلاس لا دفاع عن الأخلاق
ليست المعارك السلفية المتميزة بالحماقة هي ما يمكننا التوقف أمامه، لكن الهدف منها هو ما يجبرنا عن الحديث عنه .. يتربص بعض من يعتبرون أنفسهم حماة للقيم والأخلاق في بلادنا بالإبداع في كل أشكاله أدبا كان أم غناء أم تمثيلا أو نحتا ورسما، وهو ما يعكس ظلامية فكرهم وضيق أفقهم ورغبتهم في تعتيم حياتنا بحيث لا يتبقى للسواد الأغظم سوى نظرتهم هم لتفسير الدين ورؤيهم للحياة التي يدعون أنهم لا يكترثون لها ( وهذا غير حقيقي بالمرة) فهم يكترون بكل متعها وملاذتها بأكثر مما نتصور
أي مجتمع هذا الذي ينتفضون لنصرة أخلاقه من فيلم على قناة أجنبية مشفرة وانتاجه غير مصري؟ هل هو مجتمعنا المصري الذي شبت فيه أجيال وأجيال على المسرح والسينما والأعمال الدرامية، أم أنه مجتمع أخر لا نعرفه ولا نريد أن نعرفه وهو مختلف عن ذلك الذي انجب نجيب محفوظ وسلامة موسى وفاطمة اليوسف ويوسف أدريس وطه حسين والعقاد وإقبال بركة وفتحية العسال وإحسان عبد القدوس وأحمد لطفي السيد وغيرهم قبلهم وبعدهم
نائب في مجلس النواب المصري يتحفنا بعبقريته أن هناك مؤامرة بمثل هذه الأفلام وأن فيلم " أصحاب ولا أعز" خير مثال لحروب الجيل الرابع والخامس. وماذا عن التطرف والتشدد والفكر السلفي ومحاكم التفتيش على الفن والفكر تستهدف من يا ترى، وت تتبع أي جيل من الحروب؟ أين أنت سيادة النائب من أفلام مصرية كانت تعد ثورة مجتمعية في حينها وهي لا تحصى ولا تعد، هل تعتبرها من الجيل الأول من الحروب أم إلى أي جيل تنتمي؟
فيلم على قناة أجنبية مشفرة هو من سيضرب المجتمع المصري، وأنت سعادة النائب والسادة نواب حزب النور السلفي يا من أكدتم في انتفاضتكم الأخلاقية أنكم شاهدتم الفيلم كاملا لماذا تشتركون في النتفليكس، هل للتربص إذ لا ربما في أي وقت من الأوقات تقع أعينكم على فيلم بطلته مصرية فتحاصرون المؤامرة وتتصدون لحروب الجيلين الرابع والخامس، أم أن الاشتراك كان لأسباب أخرى يمكننا تخمينها بالتأكيد؟
لماذا لا يلتفت ويركز كل نائب على تحقيق مطالب دائرته ويعمل على تحقيق مصالح الشعب، بدلا إعلان الوصاية على المجتمع والاستمرار في لعبة ( كأني) التي تحترفونها.. كأني أقوم بواجبي، كأني إنسان محافظ وأرعى أخلاق المجتمع، كأني لست بمتطرف وكأني استحق مكاني .. هل تنامون بضمائر مرتاحة لأنكم أنشأتم محاكم التفتيش للفنانين فهكذا انتهى دوركم؟
بعيد عنكم عشاق الظهور في برامج التوك شو، من هؤلاء الشباب الذين تزاحموا وتسابقوا لعمل أربع هاشتاجات قفزوا من خلالها على ( التريند) هل هم أيضا حماة للأخلاق في الوطن أم هم من اللجان ألكترونية التي صرنا نعرفها وقد وجدت نفسها منذ فترة شبه عاطلة عن العمل؟
أخيرا، ماذا عن العدد الهائل من اليوتيوب المسيء للدين والعقيدة مثل إعارة الفروج وإباحة سبي النساء وقت الحروب وزواج الصغيرة حتى في المهد وجواز نكاح البهائم ... ألخ. هل ترونه لا يمس الدين وقيم المجتمع والإنسانية أم أنه شيء عادي يعكس حقيقة ما يجب أن تكون عليه مجتمعاتنا؟ لم نسمع أحدا منكم تبارى في تقديم البلاغات ضدهم، ولم نسمع عن هشتاجات ولا عن حملة كبيرة لمنع مثل هذه الفيديوهات وحذفها من اليوتيوب
هل في مجتمعاتنا إعارة الفروج حلال وظهور نماذج حقيقية وموجودة في مجتمعاتنا حرام؟ بصدق علينا أن نتوقع كل شيء من مزايدتكم، فربما نصحو يوما على ضجة مفتعلة ومعركة وهمية أكبر على فيلم يجسد حجم التحرش في مجتمعنا، وطبيعي أن نسمعكم تصرخون بأن مجتمعاتنا لا يوجد به أي تحرش أبدا وأنها خالية تماما من كل ما يخدش الحياء، وان المؤامرة قد اكتملت بتشويه صورتنا التي هي غالبا من أدوات حرب الجيل السادس والسابع
ادفنوا رؤوسكم في الرمال كما شئتم، وحاولوا صبغ حياتنا باون واحد، واقفزوا على كل الحقائق بكل ما تملكون من قوة وفي النهاية سيفرض الواقع الذي يلفظ كل أفكاركم نفسه على الجميع، فمجتمعاتنا لن ترتقي إلا بفكرها وفنها وإيداعها شئتم أم أبيتم
Commentaires
Enregistrer un commentaire